الأوفياء يعملون بصمت
هذه سياسة الإمارات، وهذه هي شيمة قيادتها الرشيدة في التعامل مع القضايا الجوهرية والإنسانية، العمل بصمت ولخدمة الناس من دون زيف ولا حيف.
فاليوم من يريد التضامن مع أهل غزة، يجب أن يتحلى بقيم الوفاء، وشيم الانتماء إلى الإنسانية من دون ذرف دموع التماسيح، ولا نفاق، ولا جدال حول الحقائق.
في ظرف غزة العصيب، هرعت الإمارات، بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لإغاثة المحتاجين هناك، وإنقاذ الأطفال وكبار السن، والمقعدين، والذين أصابهم ظرف الحرب الضروس، وكانت بلادنا في مقدمة الدول التي قدمت الغذاء، والدواء لأهل غزة، واليوم تكمل حلقة التضامن في افتتاح ست محطات تحلية مياه في رفح، من أجل توفير المياه العذبة، لسكان غزة، وتأتي هذه المبادرة الخيرة، لتوفير 1.2 مليون جالون يومياً، تكفي لـ 600 ألف شخص، بمعنى أنها ستفي لحاجة ثلث السكان هناك، ويا حبذا لو هرع المتباكون وقدموا ما يشفي، ويرفع العطش عن الظامئين هناك، بدلاً من التباكي عبر وسائل الإعلام، متهدجين بأصوات أشبه بالنعيق.
الإمارات منذ البدء وهي ترتب علاقاتها مع العالم على أساس العمل من أجل رفع الضيم، والضنك، عن كل من مسته يد العوز، وفي كل بقعة من هذا العالم، وقعت تحت تعب الحياة، نجد الإمارات، اليد البيضاء من غير سوء، ولا منة، تمتد لمن يحتاج، ومن نالته الظروف العصيبة، نيل التعب والسغب.
شعوب، ومسؤولون، يحرقون حناجرهم بالزعيق والنعيق، ولم يفكر أحدهم في تقديم ما ينفع وما يشفع وما يرفع الفقر والعازة على المحتاجين، فغزة اليوم لا تحتاج إلى ظواهر صوتية، تشق سكون السماء، وهدأة الأرض، غزة تحتاج اليوم إلى قطرة الماء التي تبلل ريق الظامئين، وتغسل وجوه المرهقين، من غبار الحرب الشعواء، وتنظف أجساد صغار مضت عليهم أيام وليالٍ ولم يروا شكل الماء الصالح للشرب، غزة اليوم بحاجة إلى من يسكن جراح المصابين، بدلاً من ذرف الدموع في الهواء الطلق وعبر الشاشات التجارية، غزة اليوم تريد من الأوفياء بأن يقدموا ما يفيد، لا ما يهيج المشاعر.
فلا جدوى اليوم من هذا الدوي، والهدير الذي ينكأ الجروح ولا يداويها، غزة اليوم تحتاج إلى من يعمل على تضميد جراح من فقد الأم، والأب والولد، ومن أضناه الشقاء والكمد، غزة اليوم تقول لكل إنسان ذي ضمير حي أن يكف عن التهريج، ويقوم بواجباته الإنسانية، ويقدم ما يفيد ويدفع عن الثكالى واليتامى والأرامل حزن الفقدان الأليم.
ست محطات من الماء العذب، لهي السحابة التي ستغدق وجدان العطاشى ببلل الفرح، وتمنع عنهم البحث عن المفقود، في الأواني الفارغة، ست محطات من الماء الزلال، سوف تذرف ما يجنب الناس هناك السؤال عن اللاشيء.
فمن رأى وتابع كيف تقف الجموع في طوابير أمام ينبوع ماء أضيق من ثقب إبرة، سيعرف كيف هي المبادرات المخلصة لها وقع الحياة، ورنين الفرح، في قلوب الناس هناك، في غزة المطحونة بانتظار ما لم يأتِ بعد، في انتظار الفرج، وانتهاء هذه الحرب المجنونة.
فشكراً للإمارات، شكراً للمخلصين والذين دوماً في الصفوف المتقدمة، لعون كل إنسان ذي سغب.