الذكاء الاصطناعي محور استراتيجية الإمارات للمستقبل

بقلم: د. أمل عبدالله الهدابي

824

يمكن وصف الزيارة التاريخية للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لدولة الإمارات خلال الأسبوع الماضي، ضمن جولته الخليجية، بأنها انتقال من الشراكة الاستراتيجية التقليدية إلى شراكة الذكاء الاصطناعي، التي تؤسس لتحالف إماراتي أمريكي أوثق في المستقبل، الذي ستقوده بكل تأكيد ثورة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

وأسفرت الزيارة عن العديد من الصفقات التاريخية المهمة بين البلدين، من بينها الإعلان عن تدشين مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي الشامل بسعة قدرها 5 جيجاوات، والذي يعد الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة.

كما اتفقت حكومتا الإمارات والولايات المتحدة على وضع خطة عمل حول شراكة للتسريع في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بين البلدين، وذلك لمواصلة تعزيز التعاون حول التكنولوجيا المتقدمة، وضمان حمايتها استناداً إلى مجموعة من الالتزامات المشتركة.

كما أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، خلال استقباله نظيره الأمريكي، دونالد ترامب، أن الإمارات ستستثمر1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات الـ 10 المقبلة، ضمن ما وصفه سموه بأنه هناك شراكة قوية بين الإمارات والولايات المتحدة من أجل التنمية.

هذه النتائج المهمة للقمة الإماراتية الأمريكية في أبوظبي جاءت تتويجاً لخطوات كبيرة قطعتها الدولتان بالفعل في مجال التعاون المشترك في مجال الذكاء الاصطناعي، من بينها على سبيل المثال لا الحصر اتفاقية الشراكة العالمية للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بين شركات من الجانبين باستثمارات تصل إلى 100 مليار دولار، واتفاقية بين شركة «G 42» .

وشركة مايكروسوفت، لتأسيس مركزين للأبحاث في أبوظبي لدعم قطاع الذكاء الاصطناعي المسؤول، واتفاقية أخرى بين «G 42» و«إنفيديا» لتأسيس مركز عمليات جديد ومختبر للمناخ التقني في أبوظبي،.

وإعلان «مايكروسوفت» عن استثمار استراتيجي بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة «G 42»، وغير ذلك الكثير من الخطوات التي يصعب حصرها، هذا إلى جانب اتفاقيات الشراكة والاستثمارات الضخمة، التي وقعتها دولة الإمارات مع حكومات دول أخرى مثل فرنسا وإيطاليا، لتعزيز التعاون في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

ورغم أهمية هذه الشراكات الدولية في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن استراتيجية الإمارات للريادة في هذا القطاع الحيوي عالمياً، والتي أصبح يشار إليها بالبنان عالمياً، تتسع لتشمل العديد من المحاور الأخرى التي لا تقل أهمية، ومن ذلك تطوير القدرات البشرية الوطنية وتأهيلها لقيادة هذا المجال.

وهنا جاء القرار بالغ الأهمية، الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، باعتماد مادة الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الدراسية لجميع مراحل التعليم الحكومي.

والذي يستهدف تمكين الأجيال القادمة بالأدوات المعرفية، التي تؤهلهم لمواكبة التغيرات المتسارعة في العالم، وقيادة مسيرة التنمية في عصر الذكاء الاصطناعي، كما يجسد هذا القرار القناعة المتأصلة لدى القيادة الإماراتية بأن الاستثمار في الإنسان الإماراتي يأتي أولاً في جميع مراحل التنمية.

أما المحور أو الركن الثالث في هذه الرؤية الإماراتية للاستثمار في المستقبل عبر الذكاء الاصطناعي فيتمثل في وجود الرؤية الواضحة لدى القيادة الرشيدة، والاستراتيجيات المحددة، التي ترسم الطريق لتعزيز ريادة الإمارات لقطاع الذكاء الاصطناعي في المستقبل، وهي الرؤية التي توضحها استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي.

والتي تستهدف أن تصبح الدولة رائدة عالمياً فيوظف الذكاء الاصطناعي بنسبة 100 % بحلول 2031 في مختلف الخدمات وتحليل البيانات. ووفق رؤية حكيمة بهذا الشكل فإن اليقين كبير بأن تقود الإمارات العالم في مجال الذكاء الاصطناعي، وأن تعزز من نهضتها التنموية الشاملة في الخمسين عاماً المقبلة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار