تحتفــل دولــة الإمــارات العربيــة المتحــدة في الثانــي مـن ديسـمبر مـن كل عـام بيومهـا الوطنـي، الـذي يصــادف ذكــرى تأســيس اتحادهــا المبــارك. ومــع كل عـام يمـر مـن عمـر هـذا الاتحـاد تضيـف الدولـة لبنــات جديــدة تعــزز قوتــه وصلابتــه؛ ليبرهــن على عمــق الرؤيــة الحكيمــة للقــادة المؤســسين الذيــن تحــدوا واقــع الفرقــة والــتشرذم، وواجهــوا كل التحديــات الصعبــة، وأرســوا الركائــز القويــة التــي جعلــت مــن دولــة الإمــارات اليــوم، إحــدى أفضــل دول العالـم في كافـة المـؤشرات التنمويـة والحضاريـة.
الاتحاد نقطة القوة والانطلاق:
تجسـدت حكمـة القـادة المؤسـسين ورؤيتهـم الثاقبـة في الإيمــان بــأن نقطــة الانــطلاق نحــو المســتقبل؛ هــي مــن خلال الاتحــاد في كيــان واحــد متماســك وقـوي يسـتطيع مواجهـة التحديـات المشتركـة، وكان المغفــور لــه بــإذن اللــه تعــالى، الشــيخ زايــد بــن سـلطان آل نهيـان، طيـب اللـه ثـراه، أكثـر مـن آمـن بأهميـة الوحـدة، وعمـل بقـوة مـن أجـل تجسـيدها واقعـاً معاشـاً. وعلـق هـو نفسـه على هـذه الحقيقـة فقـال ذات مـرة: «البعـض يتهمنـي أننـي وحـدوي ،وهــذه تهمــة لا أنفيهــا، أنــا وحــدوي، ولكننــي لا أفــرض الوحــدة على أحــد.»
لقــد تحــرك المغفــور لــه الشــيخ زايــد، رحمــه اللـه، وإخوانـه حـكام الإمـارات، انطلاقـاً من مبـدأ أن «الاتحـاد قـوة والتفـرق ضعـف»، وبعـد أن تمكنوا من إنجـاز هـدف الوحـدة بـالإعلان عـن تأسـيس دولـة الإمــارات العربيــة المتحــدة، في الثانــي مــن ديســمبر عــام 1971؛ اســتمر العمــل على قــدم وســاق مــن أجــل ترســيخ أركان الدولــة الاتحاديــة، واســتكمال مؤسسـاتها وقواعدهـا، وصـولاً إلى الإعلان عـن قـرارتوحيـد القـوات المسـلحة الإماراتيـة في السـادس مـن مايــو عــام 1976، تحــت قيــادة مركزيــة واحــدة ،وشــعار وعلــم واحــد؛ ليكتمــل البنيــان الاتحــادي ،وتنطلــق دولــة الإمــارات في رحلــة التطويــر والبنــاء حتـى وصلـت إلى مـا وصلـت إليـه اليـوم مـن ريـادة عالميــة وتطــور حضــاري وتنمــوي يشــار إليــه بالبنــان.
ومثلمـا كان تأسـيس الاتحـاد وتدعيـم أركانـه هـو المرتكـز الأسـاسي فيمـا حققتـه الدولـة مـن إنجـازات خلال الخُمـسين عـام الأولى مـن عمرهـا؛ فإنـه أيضـاً ســيظل الركيــزة الأساســية في انــطلاق الإمــارات نحـو المسـتقبل الطمـوح الذكـي الـذي تنشـده خلال الخُمـسين عامـاً المقبلـة، وصـولاً إلى مئويـة الإمـارات 2071.
وتأكيـداً لذلـك، جـاء المبـدأ الأول مـن المبـادئ الــعشرة لوثيقــة الخُمــسين -والتــي تمثــل مرجعــاً لمؤسســات دولــة الإمــارات خلال الخُمــسين عامــاً القادمـة- واضحـاً وصريحـاً في تأكيـد فكـرة أهميـة تقويـة الاتحـاد، حيـث نـص على: «الأولويـة الرئيسـية الــكبرى ســتبقى تقويــة الاتحــاد، مــن مؤسســات وتشريعـات وصلاحيـات وميزانيـات. وتطويـر كافـة مناطـق الدولـة، عمرانيـاً وتنمويـاً واقتصاديـا؛ً وهـو الطريــق الأسرع والأكثــر فعاليــة في ترســيخ اتحــاد دولــة الإمــارات.»
وتأكيــداً لذلــك أيضــاً، جــاء توجيــه صاحــب الســمو الشــيخ محمــد بــن زايــد آل نهيــان رئيــس الدولــة، حفظــه اللــه، هــذا العــام باعتمــاد الثامــن عشر مــن شــهر يوليــو مــن كل عــام «يــوم عهــد الاتحـاد»؛ وذلـك احتفـاءً بالاجتمـاع التاريخُـي الـذي عقــد في هــذا اليــوم مــن عــام 1971، والــذي و ققــع فيــه المؤســس المغفــور لــه الشــيخ زايــد وإخوانــه الحـكام «وثيقـة الاتحـاد» ودسـتور الإمـارات وأعلـن فيـه بيـان الاتحـاد والاسـم الرسـمي لدولـة الإمـارات العربيــة المتحــدة؛ حيــث شــكل هــذا الاجتمــاع التاريخُــي إحــدى الخُطــوات الرئيســية في تأســيس اتحــاد الإمــارات يــوم 2 ديســمبر مــن العــام ذاتــه .
وقـال سـموه بهـذه المناسـبة: «إن يـوم عهـد الاتحـاد مناسـبة نسـتذكر خلالهـا محطـات المـسيرة المباركـةلوطننــا، ونســتلهم منهــا الــدروس والــعبر للحــاضروالمســتقبل ونجــدد العهــد مــع اللــه تعــالى ثــم أنفســنا وشــعبنا في اليــوم الــذي وضــع فيــه زايــد وإخوانــه ميثــاق الاتحــاد.. أن تظــل رايــة دولــة الإمـارات خفاقـة، وتبقـى وحدتنـا السـياج الحامـي لمسيرتنــا”.
وتؤكـد هـذه الخُطـوات بوضـوح الأولويـة المهمـة التــي تعطيهــا قيادتنــا الرشــيدة، حفظهــا اللــه ،لترســيخ وتقويــة دعائــم الاتحــاد في المســتقبل ،باعتبــاره الضمانــة الرئيســية والأولى لتحقيــق طموحــات الدولــة وشــعبها في التقــدم والتنميــة والرخـاء، وتعريـف الأجيـال الناشـئة بتاريـخ بلادهـم والتضحيــات والجهــود التــي بتذلــت لتحقيــق هــذا الاتحــاد التاريخُــي.
2024.. إنجـازات في مجالات متعددة:
مــع كل عــام تضيــف دولــة الإمــارات مزيــداً مــن الإنجــازات واللبنــات التــي تعــزز قــوة ورســوخ الكيـان الاتحـادي، ومكانـة دولـة الإمـارات بوصفهـا نموذجـاً رائـداً عالميـاً في مجـالات التطـور الإنسـاني .وخلال العــام 2024، حققــت الدولــة العديــد مــن الإنجــازات المهمــة بتوجيــه ومتابعــة قيادتنــا الرشــيدة، حفظهــا اللــه، والتــي يمكــن الإشــارة إلى بعضهــا على النحــو التــالي:
1- قفـزة اقتصاديـة:
حققـت الإمـارات قفـزة مهمة في حجـم تجارتهـا الخُارجيـة خلال النصـف الأول من 2024؛ حيـث بلغـت صادراتهـا النفطيـة في 6 أشـهر فقــط مــا كانــت تصــدره خلال عــام كامــل قبــل جائحـة «كورونـا»، واقتربـت تجارتهـا الخُارجيـة من نحـو 1.4 تريليـون درهـم خلال 6 أشـهر بنمـو 25% لصادراتهــا غير النفطيــة، وفــق مــا أعلــن صاحــب السـمو الشـيخ محمـد بـن راشـد آل مكتـوم، نائـب رئيـس الدولـة، رئيـس مجلـس الـوزراء حاكـم دبـي ،رعـاه اللـه، مضيفـاً سـموه أنـه: «في وقـت بلـغ معدل النمـو العالمـي للتجـارة الخُارجيـة نحـو 1.5% بلـغ النمـو في تجارتنـا الخُارجيـة 11.2% سـنويا؛ً حيـث نـمضي بتسـارع نحـو مسـتهدفاتنا.»
وتأكيـداً لالتزامهـا بتحقيـق استراتيجيتهـا لزيـادة تجارتهـا غير النفطيـة إلى 4 تريليونـات درهـم، ورفـع صادراتهــا إلى 800 مليــار درهــم بحلــول 2031، وقعـت دولـة الإمـارات مزيـداً مـن اتفاقيـات الشراكةالاقتصاديــة الشــاملة؛ ومــن ذلــك اتفاقيــة الشراكــةالاقتصاديــة الشــاملة مــع جمهوريــة موريشــيوس ،واتفاقيـة الشراكـة الاقتصاديـة الشـاملة مـع جورجيا التــي دخلــت حيــز التنفيــذ رســمياً في يونيــو 2024، ومــع كمبوديــا التــي دخلــت حيــز التنفيــذ في ينايــر 2024؛ لتضــاف هــذه الاتفاقيــات إلى نحــو عشر اتفاقيـات أخـرى تـم توقيعهـا في إطـار برنامـج اتفاقيــات الشراكــة الاقتصاديــة الشــاملة، والــذي يتوقـع أن يـؤدي إلى زيـادة صـادرات الإمارات بنسـبة 33% والمســاهمة بأكثــر مــن 153 مليــار درهــم في الناتـج المـحلي الإجمـالي للدولـة بحلـول عـام 2031؛ مــا يمثــل نمــواً بنســبة 10% تقريبــاً مقارنــة مــع عــام 2022.
كمــا شــهد العــام 2024 تطــوراً مهمــاً تمثــل في إطلاق الاستراتيجيــة الوطنيــة للاســتثمار 2031، خلال أعمــال الاجتماعــات الســنوية لحكومــة الإمـارات 2024، التـي عقـدت في العاصمـة أبوظبـي ،خلال يومــي 5 و6 نوفــمبر.
وتســتهدف هــذه الاستراتيجية تحقيـق رؤيـة وطنيـة طموحـة بترسـيخ الإمـارات محـوراً استراتيجيـاً عالميـاً للاسـتثمار، كمـا تسـتهدف مضاعفـة الاسـتثمارات الأجنبيـة المبـاشرة التراكميــة بين 2025 و2031 إلى نحــو 30% مــن حجــم الاســتثمارات في الدولــة، التــي تبلــغ حاليــاً 15%، والوصـول بهـا إلى 1.3 تريليـون درهـم؛ لدعـم تحقيـق النمـو الاقتصـادي المنشـود، وزيـادة الرصيـد الأجنبــي المبــاشر التراكمــي 3 مــرات؛ ليصــل إلى 2.2 تريليــون درهــم في 2031.
وعلى مــدى الخُمــسين عامــاً الماضيــة، شــهد الاقتصــاد الإماراتــي قفــزات كــبيرة بفضــل الرؤيــة التنمويـة المرنـة والحكيمـة للقيـادة الإماراتيـة، حيـث تطــور الاقتصــاد 24 ضعفــاً خلال هــذه الــفترة ،وارتفــع مــن 20 مليــار دولار عــام 1975، إلى أكثــر مــن 456 مليــاراً في 2023، وفــق مــا أعلــن معــالي الدكتور ثاني بــن أحمد الزيودي وزيــر دولــة للتجــارة الخُارجيــة، في نوفــمبر 2024.
كمــا اتســم التطـور الاقتصـادي بالمرونـة حيـث اسـتطاع التكيف مــع مخُتلــف التطــورات الحادثــة في الاقتصــاد العالمـي، ولاسـيما لجهـة الانتقـال السـلس والسريـعمــن الاقتصــاد القائــم على الطاقــة التقليديــة إلىالاقتصــاد القائــم على المعرفــة.
2- دور ريــادي في التكنولوجيــا والــذكاء الاصطناعــي:
أولــت دولــة الإمــارات اهتمامــاً كــبيراً بالــذكاء الاصطناعــي، واتخُــذت العديــد مــن الإجــراءات التــي مــن شــأنها المســاهمة في تحقيــق رؤيــة الدولــة المســتقبلية نحــو الريــادة في الــذكاء الاصطناعــي وتطبيقاتــه؛ إذ تــشير التوقعــات إلى أن اســتثمارات الإمــارات في الــذكاء الاصطناعــي ســوف تصـل إلى 33 مليـار درهـم )نحـو 9 مليـارات دولار( بنهايــة العــام 2024، بالإضافــة إلى ذلــك، تســعى الإمــارات إلى رفــع حجــم اســتثماراتها في الــذكاء الاصطناعـي إلى 50 مليـار دولار بحلـول عـام 2025.
ومـن الإجـراءات التـي اتخُذتهـا على سـبيل المثـال ،بنــاء شركات وطنيــة ضخُمــة قــادرة على أن تصبــح قاعــدة صناعيــة متطــورة تحمــل عــبء النهــوض بهـذه الصناعـة الوليـدة، مثـل شركـة G42، وأنشـأت العديــد مــن الشراكات الدوليــة، ســواء أكانــت مــع دول مثــل: الولايــات المتحــدة الأمريكيــة وفرنســا والـصين، أم مـع شركات مثـل: مايكروسـوفت وأوبـن أيــه آي.
وفي هــذا الإطــار أعلنــت دولــة الإمــارات العربيــة المتحــدة، والولايــات المتحــدة الأمريكيــة في سـبتمبر 2024، المبـادئ المشتركـة للتعـاون في مجـال الــذكاء الاصطناعــي، والتــي تــم إقرارهــا مــن قبــل مستشـار الأمـن القومـي الأمريكـي جيـك سـوليفان ،وسـمو الشـيخ طحنـون بـن زايـد آل نهيـان، نائـب حاكــم إمــارة أبوظبــي، مستشــار الأمــن الوطنــي؛ وتهـدف هـذه المبـادئ المشتركـة إلى تعزيـز التعـاون بشـكل أكبر بين الطـرفين، وتطويـر الأطـر التنظيميـة ،وتعزيــز نشر التقنيــات الحساســة والناشــئة بشــكل آمــن وموثــوق، وزيــادة الدعــم المقــدم للبحــوث المشتركــة بين القطــاعين العــام والخُــاص، والتبــادل بين المؤسســات الأكاديميــة في البلديــن.
3- تعزيـز ريـادة الإمـارات في الـؤشرات الدوليـة:
اســتمرت الدولــة خلال العــام 2024 في تعزيــز ريادتهـا العالميـة ضمـن المـؤشرات التنمويـة المخُتلفة ،حيـث ح قلـت في المرتبـة الأولى عالميـاً في قائمـة الـدول الأكثــر اســتقراراً اقتصاديــاً، متقدمــة على ســويسرا وألمانيـا اللـتين ح قلتـا في الترتيـب الثانـي والثالـث على التــوالي، وذلــك بناتــج مــحلي إجمــالي للدولــة قــدره 504 مليـارات دولار، مـع نصيـب فـرد يقـدر بنحـو
83900 دولار، كمــا حلقــت الدولــة بالمرتبــة الثالثــةمــن حيــث جــذب الاســتثمارات؛ بحســب تقريــر صـادر عـن «يـو أس نيـوز» في أكتوبـر 2024.
كمـا حلــت الإمــارات في المرتبــة العــاشرة عالميــاً في مــؤشر القــوة الناعمــة العالمــي للعــام 2024 الــذي يشــمل 193 دولــة، وجــاءت الأولى عالميــاً في المــؤشر الفرعــي الخُــاص بقــوة الاقتصــاد واســتقراره ضمــن هــذا المــؤشر.
كمـا حققـت دولـة الإمـارات إنجـازاً عالميـاً جديـداً في مجـال التـوازن بين الجنـسين بتقدمهـا إلى المرتبـة الســابعة على مســتوى العالــم، واحتفاظهــا بالمركــز الأول إقليميـاً في مـؤشر المسـاواة بين الجنـسين 2024، الصـادر عـن برنامج الأمـم المتحـدة الإنمائـي؛ محققة نقلـة نوعيـة في ترتيبهـا بهـذا المـؤشر المهـم، صعـوداً مــن المركــز 49 عــام 2015، والمركــز 11 عالميــاً في نسـخُة عـام 2022.
كمـا حلـت دولـة الإمـارات في المرتبـة الأولى عربيـاً في «المـؤشر العالمـي للفـرص المسـتقبلية 2024» الـذي يقيــس حجــم الفــرص المســتقبلية التــي تحملهــا التحـولات العالميـة، ومـدى جاهزيـة الـدول لتوظيفهـا لخُدمــة التنميــة المســتقبلية في قطاعاتهــا الرئيســية .
وحققــت المرتبــة الأولى عالميــاً في 20 مــؤشراً مــن مــؤشرات الجاهزيــة لفــرص المســتقبل، مــن بينهــا: مرونــة الاســتجابة للمتــغيرات؛ صناعــة السياســات المســتقبلية: إطلاق المبــادرات الحكوميــة الاســتباقية؛ جاذبيــة واســتقرار وحجــم المواهــب العالميــة؛ عــدد المواهــب التنافســية في ســن العمــل؛ حجــم مواهــب تطويــر برمجيــات المســتقبل الرقميــة.
وحققــت الإمــارات قفــزة جديــدة في التقريــر الســنوي للتنافســية العالميــة 2024، الصــادر عــن مركــز التنافســية العالمــي التابــع للمعهــد الــدولي للتنميــة الإداريــة في مدينــة لــوزان الســويسرية ،متقدمــة 3 مراتــب إلى المركــز الــ7 عالميــاً بعــد الإنجــاز الــذي حققتــه في العــام الماضي بدخولهــا قائمــة الــدول الــ10 الكبــار في التقريــر، متقدمــة على النرويــج وأيســلندا واليابــان وكنــدا وفنلنــدا ،وجــاء أداء الإمــارات متميــزاً في مخُتلــف محــاورالتقرير، حيــث جــاءت في المركــز الثانــي عالميــاً فيمحــور الأداء الاقتصــادي، والمركــز الــ4 عالميــاً في محــور كفــاءة الحكومــة، والمركــز الــ10 في محــور كفــاءة بيئــة الأعمــال.
4- سياسـة خارجيـة داعمـة للاسـتقرار العالـي والإقليمـي:
اعتمـدت دولـة الإمـارات منـذ تأسيسـها عـام 1971 سياسـة خارجيـة شـفافة، قائمـة على بناء شــبكة علاقــات متوازنــة مــع دول العالــم، ودعــم جهـود إرسـاء الاسـتقرار الإقليمـي والـدولي، وخفـض التصعيــد، والتشــجيع على الحــوار وبنــاء الجســور ،وحــل الأزمــات بــدلاً مــن الاكتفــاء بإدارتهــا. كمــا تتبنــى الدولــة سياســة ترتكــز على بنــاء الــسلام وترســيخ الأمــن والاســتقرار في ربــوع منطقتهــا والعالــم؛ مــن منطلــق إدراك قيادتهــا الرشــيدة أن الـسلام والتنميـة وجهـان لعملـة واحـدة، وأن لدولـة الإمـارات دور مسـؤول في نشر الـسلام والازدهـار على جميــع الأصعــدة بوصفهــا دولــة سلام وتســامح ،وركيــزة اســتقرار في منطقتهــا والعالــم.
وانطلاقـاً مـن هـذه الحقيقـة الثابتـة والراسـخُة ،جــاءت التحــركات الإماراتيــة النشــطة خلال العــام الماضي، والراميــة إلى المســاهمة في تهدئــة الصراعــات والأزمـات المتفجـرة في منطقـة الشرق الأوسـط والعالم ،ولاســيما الأزمــات المشــتعلة في قطــاع غــزة ولبنــان وأوكرانيــا.
ففــي أزمــة أوكرانيــا، نجحــت الوســاطة الإماراتيــة، في إنجــاز 9 صفقــات تبــادل أسرى بين روسـيا وأوكرانيـا منـذ بدايـة الحـرب؛ ليصـل العـدد الإجمــالي للأسرى الذيــن تــ تم تبادلهــم بين البلديــن في هــذه الوســاطات إلى 2184 أسيراً.
وفي غـزة كثفـت الدولـة تحركاتهـا منـذ اللحظـة الأولى لانــدلاع الحــرب على مســارين، الأول ســياسي دبلومـاسي سـعى لخُفـض التصعيـد ووقـف الحـرب .
والثانـي إنسـاني، تمثـل في تقديـم المسـاعدات الإغاثية العاجلــة لأهــالي قطــاع غــزة مــن خلال عمليــة «الفـارس الشـهم 3»، التـي انطلقـت بتوجيهـات مـن صاحـب السـمو الشـيخ محمـد بـن زايـد آل نهيـان ،رئيــس الدولــة، حفظــه اللــه، والتــي تتعــد مــن أكبر العمليـات الإغاثيـة في القطـاع.
وتضمنـت هـذه العملية الكـثير مـن المبـادرات الإنسـانية المهمـة مـن بينهـا: المستشـفى الميدانـي الإماراتـي، الـذي مـا زال يعمـل رغــم اســتمرار العمليــات العســكرية والمخُاطــر في محافظـة رفـح بغـزة، والمستشـفى الإماراتـي العائـم ،الـذي أرسـلته إلى مينـاء العريـش، ومبـادرة الأطـراف الصناعيــة لمســاعدة المصــابين وتلبيــة لاحتياجــات مبتـوري الأطـراف جـراء الحـرب.
كمـا أدت الإمـارات دوراً محوريــاً في دعــم القطــاع الصحــي المــتضرر في غــزة، حيــث قدمــت 736.25 طــن مــن المســاعدات الطبيــة، وبتوجيهــات مــن صاحــب الســمو رئيــس الدولـة، حفظـه اللـه، أطلقـت دولـة الإمـارات مبادرة لإجلاء 1000 طفــل و1000 مــن مصابــي السرطــان مـن قطـاع غـزة إلى الإمـارات؛ بهـدف تـوفير الـعلاج الطبـي المتخُصـص لهـم، كمـا أطلقـت الإمـارات حملة التطعيــم ضــد شــلل الأطفــال في القطــاع، إضافــة إلى عمليــة «طيــور الــخُير» التــي تنفذهــا طائــرات “C17” التابعـة للقـوات الجويـة الإماراتيـة لإسـقاط المسـاعدات الإنسـانية على المناطـق المعزولـة، والتـي لا تصـل إليهـا المسـاعدات في قطـاع غـزة.
وفي لبنـان، بـرز الموقـف الإماراتـي الداعـم بقـوة للشــعب اللبنانــي، وأطلقــت، تنفيــذاً لتوجيهــات صاحـب السـمو الشـيخ محمـد بـن زايـد آل نهيـان رئيـس الدولـة، حفظـه اللـه، حملـة «الإمـارات معـك يـا لبنـان»، وذلـك بهـدف إغاثـة الشـعب اللبنانـي ،وتـوفير مـا يحتـاج إليـه مـن إمـدادات طبيـة ومـواد غذائيـة وإيوائيـة.
وقـد لاقـت هـذه الحملـة تفـاعلاً شــعبياً واســعاً، حيــث شــاركت فيهــا مخُتلــف الجنسـيات والشرائـح والفئـات المجتمعيـة، يتقدمهـم ســمو الشــيوخ والــوزراء والمؤسســات الإنســانية والخُيريـة، الذيـن شـاركوا في مخُتلـف مراكـز أنشـطة تجميــع سلال الإغاثــة بأبوظبــي ودبــي والشــارقة والفــجيرة، كمــا شــهدت الحملــة تســيير الطائــرات والســفن محملــة بمخُتلــف أشــكال المســاعدات الإنســانية.
ولــم تتوقــف الجهــود الإماراتيــة عنــد هــذه الأزمــات الــثلاث التــي شــغلت العالــم كلــه في عــام 2024، ولكــن امتــدت إلى العديــد مــن الأزمــات الأخــرى في المنطقــة والعالــم؛ مســتهدفة خفــض التصعيــد وتحقيــق الــسلام والاســتقرار، ونشر قيــم التســامح والتعايــش الإنســاني.
مستقبل واعد:
إن مــا شــهدته وتشــهده دولــة الإمــارات مــن إنجـازات مسـتمرة لا تتوقـف، ومـن التفـاف شـعبي حـول قيادتنـا الرشـيدة، حفظهـا اللـه، التـي تقـود الإمـارات نحـو المسـتقبل؛ مـن أجـل ترسـيخ مكانتها العالميـة وتعزيـز رفاهيتهـا وتطورهـا؛ يعـزز ثقتنـا في المســتقبل؛ لأن دولــة الإمــارات تنظــر للمســتقبل ،ولا توقفهـا التحديـات، مهمـا صعبـت، عـن تحقيـق رؤيتهـا المسـتقبلية الطموحـة؛ ولذلـك لـم يكـن هناك اسـتغراب مـن إعلان منظمـة الأمـم المتحـدة للتربيـة والعلـم والثقافـة «اليونسـكو» اعتمـاد العيـد الوطنـي للإمــارات، في الثانــي مــن ديســمبر، يومــاً عالميــاً للمســتقبل؛ فالإمــارات هــي دولــة مســتقبل، وهــي نمــوذج لــكل الــدول الســاعية إلى بنــاء مســتقبل مشرق لشــعوبها.