خيبات المبدعين!

بقلم : معاذ عيسى العصفور

1٬285

شابٌ يكتب رواية، قد بذل فيها طاقته، وصرف فيها وقته، وبعد ذلك يذهب والحماس لا يسعه ليقدمها لدور النشر، رغبة منه في أن يتم تبني عمله حتى يرى ما كتبه النور، فالعمل جيدٌ كما قيل له فهو قد عرضه على الكثير من الأدباء والنقاد والمفكرين ونال استحسانهم.

ولكنه يصاب بالإحباط وخيبة الأمل، حينما لا يجد دارا للنشر تقبل عمله، ولا مكتبة مستعدة لتضع ما كتبه بأرففها لو تمت طباعته، ولو تيسر له طباعة ما كتب فالقراء قليلون لما كتب بالغالب، فيتوقف الإبداع عنده، فيطوي دفتره ويكسر قلمه، ويغير مسار حياته.

وآخر يملك مَلَكة كتابة الشعر فهو منذ نعومة أظفاره يكتب ويسطر الأبيات بطريقة ابداعية جميلة، ولكنه حينما يريد قراءة ما كتب لا يجد آذانا مصغية، ولا أذهانا صافية مستعدة لسماع ما يكتب، مع أن ما كتبه قد نال استحسان أصحاب الصنعة من شعراء ونقاد ومنشدين.

يُصاب بالإحباط واليأس فيتوقف عنده الإبداع، ولا يرغب بكتابة المزيد، ويحاول أن يجد صنعة أخرى ينثر فيها إبداعه.

وثالث أعطاه الله قدرة على تصفيف الكلام، وتركيب الجمل، وترتيب العبارات، ولكن الساحة ليست ساحته، والميدان ليس ميدانه، فالناس في لهوٍ وشغلٍ عنه، فلا يجد من يسمع له حين يتكلم، ولا يجد من يشجعه حين يتحدث.

فيصاب بالإحباط مع أن ما يملكه نادر، ويترك الساحة لسقط المتاع من العابثين والعابثات، وينزوي على نفسه يضرب أخماساً بأسداس.

لماذا الإبداع لا يرعى، والمبدعون لا يُحتوون، كم من كاتبٍ مبدع ترك الساحة قبل بزوغ نجمه، وكم من شاعرٍ نجيب ترك نظم الأبيات قبل أن يشار إليه بالبنان، وكم من فصيحٍ عذبِ اللسان ترك الميدان قبل أن يستمتع بفصاحته الإنس والجان.

الخسائر في هذا الميدان كبيرة، والتركة فيه ثقيلة، حينما ينسحب المبدع الحقيقي، ومن يملك الذهن الوقاد، والفكر النيّر، سيحل محلهم من لاخلاق له ولا قيمة، وسيكثر الغث وتجد الذباب يحوم على جيف الكلام بعد أن كان النحل يجول بين أطايب الحديث.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار