كاتب جديد كعلاقة جديدة؟!

بقلم: معاذ العصفور

2٬083

حينما يقع بين أيدينا كتابٌ أو مقالٌ لكاتب ٍجديدٍ، ينتابنا نوعٌ من الرغبةِ والتوجسِ والأمل، فما تمسكهُ أصابعنا وتحتويه أيدينا وتنظر إليه أبصارنا، ليس مجرد كلماتٍ منثورة على ورقة بيضاء بل هي مجموعة أفكار، وخُلاصة تجارب، وفيض مشاعر، خطها قلمٌ غريبٌ عنك، سمحت لها أنت أن تلج لعقلك وتخالط فكرك وتلامس مشاعرك.

أذكر حينما وقعت في حب الكاتب “ويل ديورانت”، أصبحت بين ليلة وضحاها أنظرُ لكلماته، وأتفرسُ عباراته، وأسرحُ مع استرسالاته، وكأن ما يكتبه يرسمني، وما يصوغه يلامسني، وما يخطه يعبر عني.

تنشأ العلاقة بين الكاتب والقارئ من أول نظرة، وأول ورقة، ومن أول كتاب كذلك، سيرى القارئ أن هذا الكاتب استطاع الولوج والسكون بقلبه، أو أنه خرج  وابتعد من غير رجعة.

العلاقة بين القارئ والكاتب عميقة جداً، فحينما تقعُ في حبِ كاتب ، ستجد نفسك، تغضُ الطرف عن زلاته، وتُقيلُ عثراته، وتقبل تقصيره.

كاتب جديد وعلاقة جديدة، أحياناً كلمة جديدة، تجدها براقة ولامعة، ولكن!! كل جديد يخفي عيوباً لم تظهر، ومثالب لم تكتشف، وأخطاءً لم تُرصد، والزمن كفيل بإظهارها واكتشافها ورصدها، وحينها يقرر القارئ الاستمرار أو التوقف في هذه العلاقة التي قد تكون على المحك.

العلاقات بشكلٍ عام تبدأ عابرة وتمر بمراحل من الارتفاع والانخفاض، ومن الشدّ والجذب، وبعدها ستدخل هذه العلاقة في مفترقِ طرقٍ إما؟ أو؟، وبناءً عليها تتخذ قرارك بالاستمرار أو التوقف، ومن الإقدام أو الإجفال.

الكاتب هو أسير ما يكتب، فكلماته بالغالب تمثله، وما يقوله يلامسه، وما يعبر عنه يخالطه، والقارئ هو من بيده استمرار العلاقة من انفصالها، وديمومتها من انقطاعها.

كثيرون هُم الكتّاب عبر الزمن، وما يكتُبونه ويخُطونه بأيديهم هو بمثابة عرضِ بضاعة، وترويج كلمات، وتنميقِ عبارات، يهدف البعض منها إلى نيل قبول القارئ والدخول معه في علاقة وطيدة، لكي ينال التقدير والإعجاب والثناء.

لذلك ليحرص الكاتب على أن يكون ما يكتُبه بهدفِ قبول رضى الله عز وجل بالمقام الأول، وسيجد الأفئدة والقلوب تميل إليه وتستحسن ما كتب، فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ، رَضِيَ الله عَنْهُ، وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ، سَخَطَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَسْخَطَ عليه الناس ). صحيح ابن حبان.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار