بقلم: معاذ العصفور
يكاد لا يخلو قطرٌ من أقطار العالم من حرب على وشك النشوء، أو حرب طاحنة تأكل الأخضر واليابس، أو حرب قد خمدت وانتهت ولكن أنهت بانتهائها حياة الكثيرين.
يحصل في الحروب الكثير من البشائع والفظائع والفواجع ومالا يتخيل أن يحصل لو كانت الحياة تسير بشكلٍ طبيعي.
يحصل في الحروب انعدامٌ للأمن، وفقدٌ للأطراف، وإراقةٌ للدماء، وشحٌ بالطعام، وغورٌ للمياه، وانقطاعٌ للكهرباءِ، وتعطيلٌ في التنمية، وكذبٍ ونميمة وإيغارٌ للصدور، وشحناء للنفوس.
الحروب ليست طلقات تطلق، وقذائف تقذف، وألوية ترفع، وصرخاتٌ تسمع، الحروب تُرجف قلوب الأشداء، وتزيغُ عقول الحكماء، وتُذهب لبَّ الحازمين.
الحروب ميدان تصفيةٌ شاملة، وأرضٌ جدباء قاحلة، الحروب الداخل فيها مفقود، والخارج منها مولود.
بالحروب تنخفض سقف التوقعات، وتعلو أصوت الآهات، فالقلوب واجلة، والأبصار زائغة، والعقول واجفة.
الحروب حينما تحل على قومٍ تغلق مجالس العزاء فلا تقام لأن الأموات كثير، وتتوقف الولائم فلا يدعى لها لأن الطعام قليل، وتنقطع الزيارات فلا توجد تجمعات لأن الخطب جليل، وتتعطل مصالح الناس فيلزم الجميع بيوتهم لأن الخوف كبير.
لذلك أصدق ما قيل في الحروب الكاسب فيها خسران، والرابح فيها ندمان ، فما قيمة المكسب إن دمرت البلاد، وقتل الرجال، وترملت النساء، وتيتم الأطفال، وتشتت الأسر، واحتيج لسنوات طويلة حتى تعيد بناء ما تم هدمه وتدميره بلحظات، فمعول الهدم لا يحتاج سوى لدقائق ومعول البناء يحتاج لسنوات طويلة.
وأختم مع أبيات لزهير بن أبي سلمى:-
وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ
وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ
مَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَةً
وَتَضرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ
فَتَعرُكُّكمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها
وَتَلقَح كِشافاً ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ
فَتُنتَج لَكُم غِلمانَ أَشأَمَ كُلُّهُم
كَأَحمَرِ عادٍ ثُمَّ تُرضِع فَتُفطِمِ
.