بقلم: معاذ عيسى العصفور
عادل الـ، ومبارك الـ، وفلاح الـ، ولقمان الـ، وعبدالرحمن الـ، وناصر الـ، أسماء تعود لأشخاص كانوا فوق الأرض بين أحبابهم وأقربائهم، فجاء الأمر الذي لا بد منه، والقضاء الذي لا مفر عنه، فصاروا تحت التراب وتركوا لهم أحباباً وأقارب يتجرعون مرارة فقدهم.
الموت طريقٌ مسلوك، ودربٌ محتوم، وبابٌ مطروق، الموت يحل أحياناً فجأة من دون سابق إنذار فيقطف أزهاراً قبل تفتحها، وفاكهة قبل نضوجها، وأرواحاً قبل آمالها، ويحل أحياناً بعد مقدماتٍ واضحة فالمرض، والشيب، والوحدة علاماتٌ ودلائلُ على أن الموت أصبح قريباً، وأن القضاء الذي لا بد منه سيحل بدارهم.
الموت الحال مؤلم لأهل الميت قبل الميت، ولأحبابه قبله هو، فالميت قد انقطعت صلته بالدنيا وسيلاقي جميل فعله ان كان ما قدمه جميلاً، وسينتقل لحياة مختلفة بالكلية كالطفل الذي خرج باكياً من رحم أمه. أما أهله وأحبابه فسيتجرعون مرارة الفقد والحرمان لفترة طويلة.
في الدول الآمنة والمستقرة الأموات بالعشرات ونشرات الأخبار والصحف توثّق أسماءهم، أما في الدول التي تعصف بها الحروب والقلاقل الأموات بالآلاف ولكن لا يوجد من يذكر أسماءهم ويوثق أعدادهم.
شبح الموت يخيم على القلوب فيكدر صفوها، وعلى العقول فيعكر مزاجها، وعلى الأفئدة فيطير صوابها.
هاجس الموت يصيب الكبير فيعكر عليه أمسه، ويصيب الصغير فيعكر عليه يومه، ويصيب الصحيح فيمرض، ويصيب المريض فيزداد مرضه.
الموت كأس مرارة كلنا سيتجرعه، وكابوس ليلٍ كلنا سيزوره، وتجربة لا مثيل لها كلنا سيخوضها.
ذكر الموت غير محببٍ للنفوس، لذلك يبتعد الكثير عن ذكره والخوض فيه، ولكن الهدي النبوي جاء بالحث على خلاف ذلك، وأمرنا بالإكثار منه والخوض فيه، فقد جاء في صحيح ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكثروا ذكر هاذم اللذات؛ فما ذكره عبد قط وهو في ضيق، إلا وسعه عليه، ولا ذكره وهو في سعة، إلا ضيقه عليه.
الحديث عن الموت كالحديث عن الحياة، دروسٌ مستفادة، وعبرٌ مستخلصة، وأحاديث لا تنتهي إلا بتوقف القلم عن الكتابة ولا توقف!!.