الناس بأخلاقها وفضائلها

بقلم : مشعل السعيد

171

هناك مثل حكيم يضرب في ذم الجشع والطمع وهو «تقطع أعناق الرجال المطامع»، وهاتان الصفتان مذمومتان نهى عنهما الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد قيل في الأمثال أيضا: مصارع الرجال تحت بروق المطامع، فقد أعمت الدراهم والدنانير بصر وبصيرة كثير من الناس وساقتهم مثلما يسوق الراعي غنمه بعصاه، يميل بها يمينا وشمالا، ومن هنا قال الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه:

رأيت الناس قد مالوا

إلى من عنده مال

ومن لا عنده مال

فعنه الناس قد مالوا

رأيت الناس قد ذهبوا

إلى من عنده ذهب

ومن لا عنده ذهب

فعنه الناس قد ذهبوا

رأيت الناس منفضة

إلى من عنده فضة

ومن لا عنده فضة

فعنه الناس منفضة

والغريب حقا أن البعض أصبح يقيم المرء بما يملكه من مال لا بما يملكه من مكارم أخلاق وهذه مصيبة ما بعدها مصيبة، ومخالفة صريحة لشرع الله ومبادئ الإسلام الثابتة، صحيح أن المال ضرورة ملحة للإنسان وصحيح أننا نسعى وراء أرزاقنا سعيا حثيثا ولكنه يبقى وسيلة لا غاية (ويحبون المال حبا جما ـ الفجر: 20)، وإليكم هذا الشاهد على تقديم الفضائل على المال، فقد قال ابوطالب عندما خطب السيدة خديجة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم «إن ابن أخي محمد لايوازن به رجل من قريش إلا رجح عليه برا وفضلا وكرما وعقلا ومجدا ونبلا وإن كان في المال قل فإن المال ظل زائل وأمر حائل، وعارية مسترجعة وهو بعد هذا له شأن عظيم وخطر جليل» من هنا أقول إن الناس بأخلاقها وفضائلها لا بأموالها، والجري وراء المال يجعلك تخلط بين حلاله وحرامه، وليس ثمة شيء أفضل من القناعة ولله در عبدالملك بن محمد الثعالبي حيث يقول:

هي القناعة فالزمها تكن ملكا

لو لم يكن منك إلا راحة البدن

وانظر إلى مالك الدنيا بأجمعها

هل راح منها بغير القطن والكفن

ودمتم سالمين.

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار