تحول الحكومة الكويتية إلى “الذكاء الحكومي”: فرصة للريادة الخليجية
د. حنان يوسف الشراح
تخيّل أنك رائد أعمال كويتي شاب، قبل أن تبدأ مشروعك تتلقى من الحكومة الذكية إشعارًا يخبرك بأن القطاعات الواعدة لهذا العام هي الصحة الرقمية والطاقة المتجددة، ويقدم لك حزمة بيانات مفتوحة عن اتجاهات السوق، بل ويقترح لك منصات تمويلية ومسرّعات أعمال مرتبطة بقطاعك. هذه ليست رواية خيالية، بل ملامح حكومة ذكية تقود الابتكار وتدعم ريادة الأعمال.
من الرقمنة إلى الاستباقية: التحول النوعي
بينما يهدف التحول الرقمي إلى تبسيط الإجراءات الحكومية، فإن الذكاء الحكومي يتجاوز ذلك ليصبح منصة ابتكار متكاملة. حكومة لا تنتظر الطلب، بل تتوقع الاحتياج وتقدّم الخدمة قبل السؤال. هنا يصبح المواطن مستفيدًا، والريادي شريكًا في صناعة الحلول.
ذكاء حكومي يعزز ريادة الأعمال
بيانات مفتوحة: توفير قواعد بيانات ضخمة عن الأسواق والسكان والخدمات يفتح الباب أمام الرياديين لبناء حلول مبتكرة.
خدمات أسرع: تقليص الدورة البيروقراطية يمنح الشركات الناشئة القدرة على الانطلاق بسرعة.
شراكة استراتيجية: الحكومة الذكية لا تكتفي بخدمة المواطن، بل تتعاون مع القطاع الخاص ليكون جزءًا من المنظومة.
أسواق جديدة: دمج الذكاء الاصطناعي في الصحة، التعليم، والنقل يخلق فرصًا استثمارية لشركات ناشئة كويتية وإقليمية.
تجارب عالمية رائدة
الإمارات: لم تكتفِ برقمنة الخدمات، بل فتحت بياناتها أمام المبتكرين وأسست صناديق تمويل حكومي للذكاء الاصطناعي.
سنغافورة: بنت اقتصادًا يقوم على الحكومة الذكية كمحفّز لرواد الأعمال المحليين.
إستونيا: جعلت من خدماتها الرقمية بيئة خصبة لابتكار شركات ناشئة تستهدف العالم.
خارطة الطريق الكويتية
منصة بيانات وطنية مفتوحة لرياديي الأعمال لاستخدام الذكاء الاصطناعي في بناء حلول اقتصادية.
مسرّعات أعمال حكومية تستثمر في الشركات الناشئة التي تقدم حلولًا للتحديات الوطنية.
برامج إعداد قيادات وطنية تجمع بين الفكر الريادي ومهارات الذكاء الاصطناعي.
تشريعات حديثة تدعم الابتكار وتخلق بيئة تنافسية عادلة للشركات الناشئة.
الاستثمار في الإنسان: القاعدة الذهبية
إن أي تحول نحو “الذكاء الحكومي” لن يكتمل من دون عقول وطنية تجمع بين ريادة الأعمال والذكاء الاصطناعي. فالمعادلة اليوم ليست مجرد أنظمة تقنية، بل قيادات قادرة على اتخاذ قرارات مستندة للبيانات، ورياديون يحولون الأفكار إلى مشاريع مستدامة.
خاتمة: نحو ريادة خليجية
الكويت أمام فرصة نادرة لتكون مختبرًا إقليميًا للحكومات الذكية وريادة الأعمال التقنية. فالذكاء الحكومي ليس مجرد تحديث إداري، بل هو قفزة استراتيجية تعيد تعريف العلاقة بين الدولة ومواطنيها، وتحوّل الكويت إلى بيئة جاذبة للمبدعين والمستثمرين، حيث تلتقي التكنولوجيا بالابتكار لخلق اقتصاد معرفي متجدد.
الكويت تستطيع أن تقود الخليج ليس فقط بحكومة ذكية، بل بحكومة تُمكّن رواد الأعمال من تحويل الذكاء الاصطناعي إلى ثروة وطنية حقيقية.
د. حنان يوسف الشراح
استاذ أكاديمي متخصص في ريادة الأعمال والذكاء الاصطناعي